مناعة ‏القطيع ‏مصطلح ‏غير ‏لائق


ظهر مصطلح (مناعة القطيع Herd Immunity ) قبل حوالي مائة عام ، بالتحديد  عام 1923 عندما نشر (توبلي) و(ويلسون) نظريتهما العلمية عن انتشار الأمراض البكتيرية في الفئران. بعد ذلك عاد المصطلح للظهور مرة اخرى في سبعينات القرن الماضي. واليوم يظهر بكثرة على وسائل الاعلام وتستخدمه جميع الهيئات الطبية العالمية. 

اعود الى المفردات: كلمة قطيع في اللغة العربية لا تطلق على البشر ولا حتى على الطيور بل على الخيول والخراف والحمير والماعز والأبقار وما شابهها. وهي كذلك في اللغة الانجليزية. بل ان الكلمة حين تشير الى الناس فذلك للاستخفاف والاستهزاءكالقول (قطعان من الهمج او البرابرة). 

ظهر في الأدب الطبي مصطلحات غريبة تم الاستغناء عنها لاحقا لما تحمله من معنى مهين وشتم مثل الطفل المنغولي أو الاحمق المنغولي للاشارة الى مرض (داون) حيث طالبت منظمة الصحة العالمية عام 1965 بعدم استخدام هذا المصطلح في الكتابات الطبية واستغرق الأمر أكثر من 20 عاما حتى اختفى من الكتب. بل كان هناك مصطلحات في الكتابات القديمة تعتبر اليوم شتائم صريحة مثل استخدام كلمة (احمق) أو (أبله) لمن لديهم تباطؤا في النمو والاداء العقلي. تم منع كل ذلك . وتم تغيير أسماء أمراض لما لها من دلالة اجتماعية تصم بالعار من يصاب بها مثل الزهري (باللغة الانجليزية) و الاسم  التاريخي الاول لمرض الايدز و الهستيريا.

يوجد مرادفات اخرى حاليا لناعة القطيع مثل المناعة الاجتماعية او الجماعية او المجتمعية وكلها تحمل معان مهذبة تدل على الترتيب والاناقة والتكاتف واللطافة وليس مثل القطيع الذي لا يدل على شيء من ذلك اطلاقا. ان هذه المرادفات الجميلة هي الأقرب لروح مهنة الطب النبيلة والمحترمة التي يتم فيها مخاطبة المريض شفويا و كتابيا بأعلى ألقابه المدنية والشرفية. 

أتمنى ان يتم حذف هذا المصطلح المقيت من الاستخدام الطبي – على الأقل عربيا- واستبداله بمصطلحات أكثر جمالا. خصوصا أن موضوع المناعة  "المجتمعية"  نفسها ليس هبة من الأطباء بل هي مكتسبة من اختلاط الناس . لذلك فالاصرار على استخدام المصطلح البغيض هو تمثيل لقول ابي الطيب المتنبي:
لا خيل عندك تهديها ولا مال
فليسعد النطق منك ان لم يسعد الحال

https://www.facebook.com/profile.php?id=100008454189578
استشاري الجراحة العامة وجراحة الأورام 
كلية الطب  - جامعة مؤتة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق