عندي مئة شغلة .. أين الانجازات


بقلم ناجح ناجي حسن

عندي مئة شغلة .. عندي ألف شغلة .. والله ما بفضي .. عندي مئة قصة .. مشغول كثير، وغيرها الكثير والكثير من الجمل والكلمات التي نسمعها كثيرا من الكثير من الناس وبشكل متكرر يصل الى مرة كل دقيقة. لقد أدمن المجتمع حولنا نطق هذه الكلمة التي يتم عن طريقها الهروب من بعض اللقاءات او الفضل او الضعف او العشوائية او التقصير في مجالات الحياة المختلفة. ففي العمل ترى الموظف الذي لديه واجبات معينه يطلقها بأي شكل من أشكالها للتهرب من تقصيره بالعمل سواء لمديره الذي يكون يستفسر حلة التقصير، او للمراجعين الذي يتأخرون بالحصول على الخدمة التي يطلبونها بسبب تقصيره، والذي يكون في العادة تقصير بلا فائدة ترجى لأنه يكون مشغول بالهاتف او مواقع التواصل الاجتماعي او الطعام ... الخ.

ونسمعه كثيرا من طلاب الجامعات المقصرين في دراساتهم وامتحاناتهم عندما يطلقونها امام اهاليهم عند السؤال حول علاماتهم المتدنية او سبب الإنذارات التي يتلقونها، او يطلقونها اما المدرسين في كلياتهم حين يذهبون للرجاء التسول للعلامات او بسبب التأخر عن تسيم الواجبات او التأخر عن الامتحانات.

ونسمعها كثيرا من المُقصرين بالتواصل مع اهاليهم او اصحابهم او اقربائهم او إخوانهم او اخواتهم (ونعني من المفروض عليهم زيارتهم)، فتبدأ هذه الكلمة بالتكرار أولا بأول للتبرير عن هذه التقصير الذي قد يكون استمر شهورا بين الأخ  واخته، او الابن وأهله، او استمر سنوات بين صديق وأصدقائه.
لكن، ألا يعلم أولئك المصرين المتعذرين بال"مئة شغله" انهم حين يعتذرون بهذه الكلمة ان من يستمع اليهم يعلم انهم غير صادقين، وان عدم صدقهم يظهر في عيونهم وحركات أجسادهم وطريقة نطقهم واحمرار وجوههم وتلعثم كلامهم.


الا يعلم أولئك أن من يستمع إليهم لا يرغب بإحراجهم واخبارهم أنهم كاذبين علانية، فيكتفون بكلمة بسيطة يكون معناها غالبا (عذر أقبح من ذنب)، وان من كنت مقصرا معهم طولا تلك الفترات لم يعودوا يكترثوا  لهم أصلا، واو لتواصلهم او لرؤيتهم.

ألم يفكر أصحاب ال"مئة شغلة" مرة واحدة، انه قد يسألهم احد المستمعين لهم، عن تلك "المئة شغلة" ، كأن يقول له مثلا (ما هي تلك المئة شغلة التي غبت بسببها شهورا أو سنوات). او ألم يفكروا أيضا بأن يسالهم المستمع لهم (لماذا لم أكن من "المئة شغلة" التي شغلتك طوال تلك السنوات والشهور

ولو سألنا أصحاب "المئة شغلة" هل كتبت تلك القائمة بتلك المهام المئة التي لم تنتهي من سنوات طويلة لتنجزها أولا بأول، بحيث تكون بعد غياب سنوات عن الاخرين الذين من واجبك أن تتواصل معهم، قد أصبحت تسعين شغلة او خمسين او تكون صفر شغلة.

أقول لكل أولئك الذي يسوفون ويأجلون ويتعذرون "بالمئة شغلة"، لقد أصبحتم عاراً على الرقم "مئة"، ولقد ملّ منكم، لأنكم تعلقون عليه فشلكم وضعفكم وتسويفكم وعشواءيكم. فعليكم اليوم أن تحددوا أولوياتكم ومهامكم وكتابتها وتنفيذها بحسب الضروري وغير الضروري والعاجل وغير العاجل والمهم والأهم، بحيث لو راجعتم انجازاتكم ومهامكم كل أسبوع أو شهر تجدون شيئا يمكن أن تطلقوا عليه انجازاً.
إن التسويف الذي تتبعه هذه الفئة من الناس  بكل شيء في الحياة لن يبقى طويلا غطاء لهم من الظهور على حقيقتهم. وعليهم الآن أن يباشروا بتغيير أنفسهم بحيث يخرجوا إلى الواقع، بتحديد الأولويات وتقليل الاعذار، فمن لا تريد لقائه او التواصل مع، لا تعتذر او تبحث عن غطاء لعدم التواصل، فأحيانا عدم التبرير جواب كافي وشافي لكل شيء.

دمتم بخير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق