عبودية الوظيفة


تقرير من اعداد 
المهندس ناجح ناجي حسن

يقول الدكتور طارق سويدان احد مدربي الادارة حول الوظائف والاجور(ابدأوا بتأسيس المشاريع، الوظيفة عبودية، هناك نوعين من الاعمال، هناك نوعين من الاعمال، اعمال حرة واعمال عبدة. من هو العبد، العبد هو شخص يملكه شخص اخر يتحكم به … في السباق يسمونهم عبيد … واليوم يسمونه وظيفة. هل يستطيع الموظف ان يدخل او يخرج او يسافر او يتخذ قرار بدون اذن مديره … هل المبلغ الذي تنالونه نهاية الشهر يسوى عقولكم وتدريبكم ودراستكم خلال تلك السنين … لا تفكرواب الوظيفة كامستقبل . اعتبروها تدريبمن 3-5 سنوات لكنالمشاريع والقطاع الخاص هو ما ينهض بالبالد ولاتقصاد عندما يكون الناس منتجين وليسو مستهلكين) المصدر.

هذه احد اهم نصائح الدكتور والتي لم ينفرد بها لوحده، بل تعد نصيحة تأسيس مشاريع خاصة، هي نصيحة معتادة من ابرز رجال الاعمال حلو العالمومن كافة الصناعات ومن كافة المستويات. المشاريع الخاصة والشركات الناشئة هي مفتاح تنمية الاقتصاد ورفع الانتاجية على مستوى العالم.

يعد الكاتب المصري المعروف عباس محمود العقاد اشهر من تحدث عن العبودية الوظيفية في مقالة حيث كتب عن الوظائف التي تسلسل فيها ثم ختم قوله:

(ومن السوابق التي أغتبط بها أنني كنت فيما أُرجِّح أول موظف مصري استقال من وظيفة حكومية بمحض اختياره، يوم كانت الاستقالة من الوظيفة والانتحار في طبقة واحدة من الغرابة وخطل الرأي عند الأكثري).

في كافة دول العالم، يعد القطاع الخاص والعمل به من اكثر القطاعات تشغيلا ويليها القطاع الحكومي والعسكري والامني مجالات العمل المتاحة، لكن في المقابل نجد ان التخصصات الجامعية والتي اصبح خريجوها يفوقون اضعاف الوظائف  المتاحة، بالتالي اصبحت الجامعات مصدرا لتراكم الطلبة الدارسين وبالتالي رفع نسبة البطالة التي اصبحت في مستوياتها المرتفعة في ظل التضخم  المالي العالمي الحالي والذي اسبابه كثيرة لا مجال لذكرها الا ان ملخصها هي النظام الرأسالمالي الذي سيطر على العالم وهيمن عليه.

ومع انتقال الحضارات الإنسانية من الطور الزراعي إلى الطور الصناعي، تحول تعريف الوظيفة المعاصرة في إطار العالم الرأسمالي الحديث إلى أنها "استقطاع ساعات معينة من وقت الشخص لصالح مؤسسة أو شركة أو شخص ما، مقابل تقاضي أجر محدد أو منفعة محددة.

العرض والطلب

لكن مع التضخم المالي الحالي وزيادة اعداد الخريجين الجامعيين ، اصبحت الاسعار المرتفعه تجعل الرواتب المقدمة غير ذات فاعلية في تكاليف الحياة الباهظة. ولو اتبعنا القاعدة الاقتصادية المعروفة في الاقتصاد الجزئي، بأنه كلما زاد العرض قل الطلب وانخفضت الرواتب. وفي حال تطبيق هذه القاعدة، فانه  مع تزايد اعداد الخريجين  يصبح الطلب كبيرا على الوظائف بالتالي يتم خفض الرواتب من القطاع الخاص حيث ان القطاع الخاص يهدف غالبا الى الربحية العليا بأقل التكاليف، وبالتالي يتم توظيف الاكفأ بأقل الرواتب واقل الحوافز. ويتبع ذلك ايضا في حالات كثيرة ترك العمل اوالفصل من العمل بسبب عدم كفاية الدخل او بسبب رغبة القطاع الخاص بتدوير الموظفين لاسباب ربحية او نفسية لدى مدراء الشركات.

يقول احد علما الاجتماع في مصطلع الوظيفة: (هذا الاسم اللطيف [الوظيفة] جعل الناس يتقبلون فكرة العمل لدى سيد تحت عنوان "موظف" وليس "عبد"، لكن رغم اختلاف اللفظين فإن المعنى تقريبا واحد، ولهذا يرى ديفيد جريبر، أستاذ الأنثروبولوجي في مدرسة لندن الاقتصادية، أن أول الوظائف العمالية التي ظهرت عقب الثورة الصناعية نشأت في البداية داخل مزارع العبيد، ويقول: "عوضا عن أن الناس كانوا يشتروننا ويؤجروننا، أصبحنا نؤجر أنفسنا بأنفسنا). المصدر


وفي القصة الشهيرة (المجازية) حول عبيد المنازل وعبيد الحقل، والتي تتحدث عن ان عبيد المنازل بسبب ارتدائهم لملابس اسيادهم القديمة وتناولهم بقايا طعامهم، كانوا يحبطون حركات التمرد التي كان يخطط لها ظانين ان عبوديتهم تحميهم من العوز والفقر.


نعود الى التخصصات الجامعية، والتي اصبحت رافدا للبطالة من جهة وسببا لمنح رواتب منخفضة من جهة اخرى، وبسبب ضعف الخطط الدراسية التي قلما تجعل الطالب قادرا على ادارة مشروع وتأسيسه، فاصبحت التوجه للبحث عن الوظيفة هو الهاجس الاول والاكبر ، والذي من اسبابه التعلق الذهني والفكري المجتمعي بالوظيفة وبأنها الاساس والامان، كما ان نقص بعض المهارات الاساسية مثل كتابةالسيرة الذاتية وطرق مقابلات العمل تجعل الحصول على الوظيفة امرا صعبا للكثير من الطلبة.

وقد سبب التعلق الذهني والفكري والاجتماعي الوظيفة (على اهميتها بالبداية للتدريب على ادارة العمل) عزوفا وابتعادا عن المشاريع الخاصة خوفا من الخسارة وخوفا من الفشل ، مما ادى الى الابتعاد عن طلب المعرفة والتعلم ومهارات تأسيس المشاريع الخاصة وإدارتها. 

في قصة طريفة لرجل الاعمال الصيني جاك ما مالك شركة علي بابا للبيع الالكتروني(امازون الصين كما يلقبون الموقع) :

(إذا وضعت أمام القرود بعض الموز وبعض النقود، فإن القردة سيختارون الموز. وتفسير ذلك أن القردة لا تعرف أنه بواسطة النقود يمكن شراء الكثير والكثير من الموز. وبالتالي، إذا قمت بعرض وظيفة و مشروع على الناس، فإن أغلبهم سيختارون الوظيفة، لأن أغلب الناس لا يعلمون أن المشروع يمكن أن يوفر المال أكثر من المرتب الذي يتقاظونه من الوظيفة.)

ويتابع (إن أحد الأسباب كون الفقراء يعيشون الفقر والحاجة، هو أن الفقراء ليسوا مدرّبين على التعرّف على الفرص في مجال الأعمال واقتناصها. فالناس يقضون الكثير من الوقت في المدرسة، حيث يتعلّمون فيها أن يعملوا ويجتهدوا من أجل مرتّب شهري. لا أن يعملوا من أجل أنفسهم. فالربح والفائدة من العمل على مشروعك أو شركتك هو أكثر وأفضل من المرتّب الذي بالكاد يضمن لهم الحياة. ولكن الأرباح من مشروعك الخاص أو شركتك يمكن أن يحقق لك ثروة). المصدر



اشكال الاستعباد الوظيفي

ان كثرة الاستعباد في العمل   للأسف من اسبابه جهل العامل والموظف بقوانين العمل وحقوقه فيه بل وجهل الموظف ان قانون العمل في اي بلد يكون مع العامل اكثر منه مع صاحب العمل، لذلك نرى ان من يتحدث عن قانون العمل او حقوق العاملين يكون مصيره الاستغناء عنه وترويع الاخرين والتهديد بالفصل خاصة الاناث المستضعفات (بالرغم من ان الترويع بالعمل والتهديد من مخالفات العمل اصلا).

ومن اشكال الاستعباد بالعمل التي يعاني منها الموظفين العاملين:

· عطلة اليومين المحروم منها معظم العملين بسب قانون العمل علما انها متاحة للبعض في الشركات والقطاعات الحكومية
· العمل الاضافي الاجباري
· الحقوق العمالي الاجتماعية
· الاستهتار بالحقوق الشخصية
· التهديد الدائم بالفصل والتقليل من شأن انجازاتالعامل والموظف
· تأخير الرواتب المتكرر
· الالتزام بالحد الادنى للاجور دون النظر للخبرة والانجازات السابقة
· عقود ثلاثة اشهر وتكرارها للتهرب من اي حق للموظف
· عدم التسجيل بالضمان الاجتماعي او سرقته
·  التهرب من اصابات العمل وبدل الاجازات السنوية او المرضية


فكلما كان الوعي بالحقوق للموظف والعامل اكثر كانت قدرته على نيلها اكثر، وكلما زاد عدد من لديهم وعي بحقوقهم اكثر، كلما انكسرت شوكة القطاع الخاص اكثر واكثر.
لكننا في هذا المقال لا نهدف الى الوعي بالحقوق فقط، بل بالخروج من تلك العبودية بشكل مطلق وكامل الى العمل الحر والعمل الخاص. حيث انه وفي كل دول العالم يعد المحرك الاساسي للاقتصاد، لم يتحدث التاريخ عن احد اصبح غنيا وثريا عبر الوظيفة، بل الجميع بلا استثناء اصبحوا اثرياء عبر شركاتهم الخاصة. ولان الشركات الخاصة التي لا تلتزم بقموانالعمل ورفاهية الموظفين فيها هي التي تدفع الاشخاص للتوجه لتأسيس العمل الخاص لهمن فاننا من الان ندعوا كل يفكر بالعمل الخاص ان يتقي الله في موظفيه ومن يعملون معه ولا يكرر تجربته المؤلمة في عمله عند الاخرين لموظفيه المستقبيليين.

انصاف الوظيفة.

ولنكون منصفين للوظيفة والعمل لدى الاخرين فهما ليسا بذلك السوءن وبالتأكيد لهما اهمية كبيرة في حياة كل انسان وللمجتمع، منها:

ان العمل والتوظيف هو شيء اساسي فليس الجميع قادر على تأسيس عمل خاص، وليس الجميع له قدرة على ادارة عمل خاص، كما انه يساعد  على إنتاج المنتجات المختلفة، إلى جانب تقديم الخدمات إلى مختلف أصناف الناس؛  وتساهم ايضا في حصول الناس على الكفاية المالية والانفاق على أنفسهم؛ فالشخص العامل لا يحتاج إلى معونةٍ من الأشخاص الآخرين مهما كانت علاقته بهم. كما ان العمل يساعدنا على بناء الشبكات والعلاقات الاجتماعية، ممّا سيعمل بالضرورة على تحسين علاقات الناس ببعضهم ومنح الشخص القدرة على التشبيك لاحقا عند تأسيسه لعمله الخاص.
وتعتبر الوظيفة   وسيلةً رئيسيّةً من وسائل تطبيق المعرفة النظريّة بشكلٍ واقعيّ وعملي دون المخاطرة براس المال، والتحقّق من مدى مطابقة النظري للعملي، فالتجربة هي خير دليل على نجاح الفكرة أو النظريّة. بالاضافة الى الحالة الفنيّة والثقافية بشكلٍ كبير. المصدر

وكما تحدثنا سابقا فلتكن الوظيفة مهما طال امدها مرحلة التدريب لتأسيس العمل الخاص الذي سيكون مفتاحا للنجاح القادم. ولنا في قصة مؤسس كنتاكي الكولونيل"هارلند دافيد ساندرز" الذي ولد في أمريكا عام 1890 وتوفى عام 1980، خير دليل،  والتي  يمكن تلخيصها بانه اعتنى بخوته واعد لهم الطعام في صغره بعد وفاة والده، ثم خرج من المنزل للعمل وثابر ونجح عمله الذي كان في مجالات عديدةن الى ان نجح في تسويق خلطته السرية الناجحة والتي كانت اساس نجاحاته العملاقة التي نعرفها جميعا حيث اشتهرت مطاعم كنتاكي في كل ارجاء العالم. المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق