لماذا لا نقرأ

ناجح ناجي حسن



سؤال يدور في خاطري منذ سنوات طويلة، وقد يكون نابعاً من حبي للقراءة والحصول على الكتب بكافة مواضيعها، وقد يكون نابعا ً أيضا مما أواجه عندما أتحدث عن أهمية القراءة بتطوير المجتمع، وأن القراءة هي أساس بداية أي نهضة وحين نتحدث عن القراءة فنحن تعني القراءة والعلم والعمل بهما. كنت في جلسة مع بعض الأصدقاء وحين تحدثت عن أهدافي في الكتابة سواء على المدى القريب أو البعيد بدأ النقد لموضوع القراءة والذي كان منطقيا بشكل جزئي.

فكان الكلام أن القراءة تحتاج إلى ذهن صافي وأن تكون في مجتمع يحترم القراءة والعلم ويعطيهم الصلاحية للتغير، وأن القارئ محارَب في كل مكان تقريبا سواء في مكتبه أو عمله او بيته او مجتمعه، وأيضا غلاء أسعار الكتب والضرائب التي يتم فرضها، وغيره الكثير من الاعذار التي بعضها صائب، والبعض يكون نابع عن تجربة شخصية. والحقيقة أن القارئ اليوم يعاني كثيرا من نظرة من حوله إليه حيث أن الأكثرية تظن أنها فئة مثقفة فقط لانها تقرأ بعض القصاصات على توتير أو الفيسبوك أو بعض المقتطفات، والحقيقة أن ذلك لن يكفي للنهوض بالأمم.

لقد بدا القران الكريم بأول كلمة وهي (اقرأ)، وهذا دليل قاطع على أن القراءة هي فانون التطور، فالنهضة منذ فجر التاريخ بدا بالقراءة والعلم، ولهذا ما زلنا نسمع بأسماء علماء ومفكرين اليونان منذ مئات السنوات، تتردد على صفحات الكتب وغيرها، واسمائهم تنشر بيننا.

ربما  لا نقرا لأننا نخاف من اكتشاف بعض الحقائق التي قد تربك حسابات الحياة الخاصة أو العامة!، ربما نخاف من أن نكتشف أننا كنا – كل هذه السنين – نعتقد أشياء خاطئة لا أساس لها من الصحة، أو إننا نخاف اكتشاف أن ما كنا نتندر به في مجالسنا الخاصة والعامة ليس حقيقيا تماما، وبالتالي نخاف أن نخسر شيئا قد يضحكنا للحظات، بالجهل. نعم بالجهل، الجهل الذي نخاف الخروج منه بالقراءة، الجهل الذي تراكم سنينا على عقولنا حتى حسبناه علما ومعرفة، ورحنا نفاخر فيه بعضنا بعضا، من منا أجهل من الآخر.

قد نبتعد عن القراءة خوفا من معرفة الحقيقة التي تم اخفائها عنا سنوات طويلة لأننا لم نكن نلتفت للكتاب ولا للعلم إلا لأجل العلامات والترقيات. وربما لا نقرأ لأننا نعتقد بان القراءة نوع من أنواع الترف الإجتماعي، وأن من يقرأ خاصة من ذوي الدخل المحدود يُقدم تضحية على حساب قوت يومه وقوت أسرته.

ربما لا نقرأ لان التبرير الدائم بأنه لا يوجد وقت للقراءة، وحيث ان مشاغل الحياة تسرق الاوقات منا ، لأن الارجيلة لساعات أهم من القراءة لتصفية الذهن أو لان المباراة التي تقام في الدوري الاسباني والتي لا يعرف من يلعبون بها أي شيء عنا نحن الذين نتفرج عليها، أو الدوري الإنجليزي الذي قام قادته بتدمير بلادنا، والتاريخ الاستعماري يشهد عليهم، ولأن لعبة ورق الشدة لساعات طويلة أو التلفاز والمسلسلات أو أي سبب آخر اهم من القرائة، لذلك لا نقرا.  والحقيقة أنه يوجد وقت ولكن لا يوجد تحديد للأولوية.

لكن الواقع يقول غير ذلك، فقرّاء اليوم، قادة الغد!” هذا ما قالته “مارجريت فوللر” قبل مائة وستين سنة مضت. القرّاء الذين يقرأون اليوم عن الماضي والحاضر، هم من سيقودون سفينة المستقبل بطموح كبير وأمل أكبر وبإرادة وعلم عظيمين. وقد سئل الفيلسوف الفرنسي فولتير المتوفى سنة 1778 عن من سيقود الجنس البشري؟ فقال “الذين يعرفون كيف يقرأون”، وذلك دليل على أن  القراءة هي أحد المقومات الأسياسية في قيادة العالم، سواء العالم الكلي بجهاته الأربع، أو العالم الجزئي في الدولة أو المحيط المجتمعي الصغير.



نصيحة أنقلها لكم (اجعل من الكاتب بستاناً، ادخل واستمتع داخل مقاله أو كتابه، وأن اعجبك شيئاً، احمل بعض الشيء منه وأخرج، لتذهب لبستان آخر حتى تستطيع أن تكون لك بعد ذلك بستاناً خاصاً بك)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق